منتد يات سات الماجكو 2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

  الكون كله يسبح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
ما جكو نشيط
ما جكو نشيط
المدير العام


عدد المساهمات : 177
تاريخ التسجيل : 02/09/2012
العمر : 34
الموقع : المدير العام

 الكون كله يسبح  Empty
مُساهمةموضوع: الكون كله يسبح     الكون كله يسبح  Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 19, 2012 12:39 pm


الكون يسبح لله (دلالة الآيات على توحيد الأسماء والصفات)


الحمد لله المتوحد بالجلال بكمال الجمال .. المتفرد بتصريف الأمور على التصريف والإجمال .. خلق وأبدع .. وحكم وشرّع .. وعز فارتفع .. وذل كل شيء لعظمته وخضع .
والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد أشرف من سجد وركع ، وسبّح واسترجع ، وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد .
حياكم الله في هذه المحاضرة (الكون يسبح لله) .. والتي نعرض لكم فيها عدداً من المشاهد الحية من هذا الكون الذي يسبح بحمد ربه ، ويدل على خالقه ، ويزيد القلب استشعاراً لجلاله وعظمته .
قال سبحانه : (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً) .
دلالة عظمة المخلوقات على توحيد الأسماء والصفات
والله تعالى أمرنا أن نتعرف على صفاته بالنظر إلى آثارها المشاهدة في المخلوقات ، كما قال تعالى: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ .
فالله يوصف بالرحمة وآثارها مشاهدة، وقد طلب الله منا النظر لنعرف اتصافه بالرحمة سبحانه، وهكذا يمكن أن نعرف باقي صفات الأفعال بالنظر إلى آثارها المشهودة .
ولهذا لما أنزل الله تعالى الآيات في أواخر آل عمران ، دخل بلال على النبي  يؤذنه بصلاة الفجر فلما رآه يبكي قال يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، قال أفلا أكون عبدا شكورا ، لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها {إن في خلق السماوات والأرض}. والحديث رواه ابن حبان وغيره وصححه الألباني .
إذن .. هذا الكون الواسع كله دليل على وحدانية الله تعالى .
أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل تسكينة شاهد
تدل على أنه واحــد فيا عجباً كيف يعصى الإله
ولله في كل تحريكة
وفي كل شئ له آيــة
سئل بعض الأعراب عن الدليل على وجود الرب تعالى فقال: يا سبحان الله! إن البعر ليدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير !!.. بلى والله .
وكان أبو نواس الشاعر مسرفًا على نفسه في الخطايا، وعندما توفي، رآه أحد علماء أهل السنة في المنام في هيئة حسنة، عليه ثياب بيض، جالس في بستان، قال: يا أبا نواس كيف حالك؟ قال: لقد أتيت إلى الكريم فغفر لي، قال: بماذا؟ قال: بقصيدتي في وردة النرجس:
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليكُ
عيون من لُجَين شـاخصـات بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ
على كُثُبِ الزَّبَرْجَد شاهـداتٌ بأن الله ليس له شريكُ
التأمل والتفكر عبادة قلبية يغفل عنها كثير من الناس .. يتأمل المؤمن عظيم خلق الله .. فيمتلئ قلبه إعظامًا وإجلالاً لربه ، ويستغرق لسانه في ذكره ، وتنبعث جوارحه إلى طاعته .
بينما يمر أهل الضلال والغفلة على آيات ربهم وهم معرضون .. وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون .
ما الهدف من هذه المحاضرة؟
الهدف من هذه المحاضرة هو أن نتأمل في الآيات المشهودة في الكون ونستدل بها على توحيد الأسماء والصفات الذي هو روح التوحيد ، وهو معرفة الرب سبحانه بأسمائه وصفاته .
قال الشيخ ابن سعدي: أصل التوحيد إثبات ما أثبته الله لنفسه . أو أثبته له رسوله من الأسماء الحسنى والتعبد بها ودعاؤه بها .
وذلك باستحضار معاني الأسماء الحسنى وتحصيلها في القلوب حتى تتأثر القلوب بآثارها ومقتضياتها . وتمتلىء بأجل المعارف .
فمثلاً أسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة تملأ القلوب تعظيماً وإجلالاً له .
وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة لله وشوقاً له وحمداً له وشكراً.
وأسماء العز و الحكمة والعلم والقدرة تملأ القلب خضوعاً لله ، وخشوعاً وانكساراً بين يديه ...الخ كلامه
باختصار يا جماعة .. نريد أن نعرف الله .. إذا عرفنا الله صلحت أحوالنا .
إذا كنا نعاني من انحرافات يقع فيها الشباب . فلنعلم أن كل معصية أو انحراف في الظاهر له سبب في الباطن وهو ضعف الإيمان بالله ، والخوف من الله ، والحياء من الله ، والمراقبة لله وغيرها من أعمال القلب.
فإذا عرف الشاب ربه لم يضيع الصلوات .. ولم يشرب المسكرات والمخدرات .. ولم يفعل المحرمات .
وقبل أن أبدأ بعرض المشاهد أود أن أنبه إلى :
الطريقة التي سأسلكها في عرض المشاهد :
قمت باختيار ثلاثة مشاهد من مشاهد الكون : مشهد الحكمة والإبداع ، مشهد العزة والغضب ، مشهد الرحمة والإحسان .
وطريقة العرض في كل مشهد : 1) سنعرض أولاً بعض المشاهد من الآيات الكونية ، 2) ثم نستعرض بعض أسماء الله وصفاته التي تدل عليها هذه الآيات ومعاني هذه الأسماء والصفات بإيجاز ، 3) ثم نذكر بعض آثار هذه الأسماء والصفات على نفوسنا وبعض الفوائد .
1) مشهد الحكمة والإبداع
في هذا المشهد نستعرض وإياكم بعض الآيات الكونية في باب الحكمة والإبداع في خلق هذا الكون ، في الأرض والسماوات والبحار .
الفلك والكون العظيم :
والله تعالى يدعونا في آيات كثيرة إلى النظر والتفكر في خلق السماوات والأرض ، قال تعالى: { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
إذا رفعت رأسك فرأيت الشمس والقمر والنجوم فاستحضر هذه المعاني الثلاثة التي أخبر الله عنها في القرآن :
1) أن هذه المخلوقات آية من آيات الله (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون)
2) أن هذه المخلوقات مسخرة مذللة ، يقول تعالى Sadوالشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) ، ويقول سبحانه: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه) .
3) والعجيب أنها تسجد لربها وتسبح بحمده (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم ... الآية) .
المجموعة الشمسية
دعونا نتأمل في الكرة الأرضية التي نعيش فيها .. تقع الأرض ضمن ما يسمى بالمجموعة الشمسية (الشمس والكواكب التي حولها) هذه الأرض التي نعيش عليها أكبر من القمر مرتين .. لكننا إذا نظرنا إلى الشمس وجدنا أنها أكبر من الأرض بمليون ومائتي ألف مرة .
فإذا نظرنا إلى النجوم العملاقة وجدنا أن نسبة الشمس إلى هذه النجوم كبحيرة صغيرة في مقابل محيط هائل من الماء .
سعة المجرات ومجرة درب التبانة
النجوم والكواكب تجتمع في مجموعة هائلة تسمى المجرة .. في المجرة الواحدة أكثر من 100 مليون نجم عدا الكواكب والأقمار والمذنبات .
مجرتنا (درب التبانة) عبارة عن قرص قطره 100 ألف سنة ضوئية ، مع العلم أنها مجرة متوسطة فهناك مجرات أكبر منها .
كم عدد المجرات؟ الذي اكتشف إلى الآن أكثر من 2 بليون مجرة .
إن العقل البشري يقف حائراً أمام هذا الخلق العظيم ، وصدق الله :
قال تعالى: فلا أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم .
كل هذا في السماء الدنيا أي السماء الأولى ، ثم الثانية ، وهكذا إلى السابعة .. ثم الكرسي .. ثم العرش .. ثم الله جل جلاله .
ولهذا ثبت عنه  في حديث أبي ذر أن النبي  قال Sad( يا أبا ذر ما السموات عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة)) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة .
(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) .
ظلمة الكون
لما تمكن الإنسان من الصعود للفضاء تفاجأ رواد الفضاء بأنهم يرون الشمس أمامهم سراجاً منيراً والسماء حولهم زرقاء جميلة ، لكنهم بمجرد أن يخترقوا الغلاف الجوي للأرض تختفي الشمس من أمامهم وتصبح نورها خافتاً جداً ، وينتشر الظلام الدامس ، وكان الاتصال اللاسلكي من رواد الفضاء لمراكز الخبراء في الأرض بهذه الأحرف (وي دونت سي أني ثينق) نحن لا نرى شيئاً .
إذن كيف نرى الشمس ونحن على سطح الأرض؟
الضوء لا يرى إلا عندما يسقط على مادة ناقلة له وهي الأرض وغلافها . فنهار الأرض أي توجه أشعة الشمس إلى غلاف الأرض هو الذي يظهر ضوء الشمس ولهذا قال تعالى (والنهار إذا جلاها) ، فكما أن الشمس تضيء الأرض فإن الأرض أيضاً تبادلها العمل فهي تجلي نور الشمس بغلافها الجوي .
فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة
وقد ذكر العلماء أن الآثار القديمة على سطح القمر والبراكين التي كانت تفوح بالحمم تدل على أنه كان مشتعلاً .
روي عن ابن عباس في قوله تعالى (فمحونا آية الليل) أنه قال : كان القمر مشتعلاً فأطفأه الله .
إذن آية الليل هي القمر ، وآية النهار هي الشمس ، وقد وصف الله الشمس بأنها مبصرة مضيئة ، أما القمر فقد وصفه الله بأنه منير ، في جميع الآيات .
(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) .. (تبارك الذي جعل في السماء)
ما الفرق بين الضياء والنور ؟
الضياء هو الضوء الذي يتولد من نفس الجسم ، أما النور فهو ما ينعكس من شيء آخر .
وصول ضوء الشمس إلى الأرض
بيننا وبين الشمس 150 مليون كلم .. يعني لو أقلعت الآن طائرة تسير بسرعة 600 كلم في الساعة سيراُ متواصلاً لم تصل الشمس إلا بعد سبعة عشر عاماً وستة أشهر .. مسافة طويلة جداً ، ومع هذا فالله تعالى يوصل لنا ضوء الشمس خلال ثمان دقائق فقط . فاللهم لك الحمد .
حياة البحار
دعونا ننتقل من السماوات العلى إلى البحار ، لنتأمل شيئاً من عجائب البحار.
كم لله تعالى من المخلوقات في أعماق البحار والمحيطات ، أبدع الله صنعها ، وأحكم خلقها ، وأوصل لها رزقها في الظلمات .
إنه التحدي الإلهي حينما يقول الله: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)
أو كظلمات في بحر لجي
في الماضي لم يكن في قدرة الإنسان أن يغوص في البحر إلا أمتاراً معدودة .
أما في العصر الحديث ، وبعد اكتشاف أجهزة الأكسجين ثم الغواصات النووية تمكن الإنسان من الغوص في أعماق البحار .
وقد اكتشف الغواصون أنه كلما غاص الإنسان إلى الأسفل فإن الضوء يقل تدريجياً فتتكون طبقات من الظلمة حتى ينعدم الضوء تماماً على بعد ألف متر فتكون الظلمة شديدة حتى إنه لو أخرج الإنسان يده لم يرها .
واكتشف العلماء كذلك وجود تيارات من الأمواج بعضها فوق بعض ، كل موج له خصائصه من حيث الاتجاه والسرعة وغيرها .
ولاحظ العلماء أن هذه الظاهرة وهي تراكم الظلمات والأمواج لا تكون إلا في البحار العميقة فقط .
وصدق الله حينما وصف لنا هذه الظلمات وما فيها من أمواج وطبقات في قوله تعالى : (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج ..... )
ومن العجيب أيضاً أن العلماء وجدوا أن الأسماك التي تعيش في الأعماق السحيقة تنبعث من أجسامها أشعة لامعة قوية، تشابه أشعة النجوم في شدة بريقها . فتكون هذه الأشعة بمثابة الإشارات الضوئية لهذه الأسماك .
الأسماء والصفات :
من أسمائه سبحانه الخالق الباريء المصور بديع السموات والأرض .
ومن أسمائه سبحانه : الحكيم . ومعنى الحكيم الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين المخلوقات ، فالحكيم هو واسع العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ، واسع الحمد ، تام القدرة .
وحكمته نوعان :
1) الحكمة في الخلق ، فإنه خلق الخلق بالحق .
خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام ، ورتبها أكمل ترتيب ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به ، بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته ، فلا يرى أحد في خلقه خللاً ، ولا نقصاً ، ولا فطوراً .
وقد تحدى عباده وأمرهم أن ينظروا ويكرروا النظر والتأمل هل يجدون في خلقه خللاً أو نقصاً ، وأنه لا بد أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء من مخلوقاته .
2) الحكمة في الشرع والأمر ، فهو سبحانه شرع الشرائع ، وأنزل الكتب ،وأرسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدوه .
ومن أسمائه تعالى أيضاً : بديع السماوات والأرض ، أي خالقهما ومبدعهما في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع ، والنظام العجيب المحكم .
آثار هذه الأسماء والصفات :
1) استشعار عظمة الخالق وكمال حكمته سبحانه في الخلق والرَّزق والتدبير .
فهو سبحانه الذي خلق المخلوقات وأحكم الكون وأوصل رزقه إلى كل مخلوق ، وهذا دليل على عظمته وكماله سبحانه .
ومن الطريف أن أحد الملحدين قال يوماً : أنا أخلق ! فقيل له : أرنا خلقك ؟ فأخذ لحماً فشرحه , ثم جعل بينه شيئاً من القذر ثم جعله في إناء وأغلقه .. وبعد ثلاثة أيام فتح الأناء فإذا هو ملآن بالدود ، فقال : هذا خلقي !!.
فقال له بعض الحضور : فكم عدده ؟ فلم يدر ، فقال : كم منه ذكور وكم منه إناث ، وهل تقوم برزقه ؟ فلم يأتي بشيء ، فقال له : الخالق الذي أحصى كل ما خلق عدداً ، وعرف الذكر من الأنثى ، ورزق ما خلق ، وعلم مدة بقاءه وعلم نفاذ عمره ، قال تعالى :  الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم  ،  الذي أحسن كل شيء خلقه  .
2) الإيمان بحكمة الله تعالى في الخلق طريق إلى الإيمان بحكمته في الشرع ، وبالتالي الاستجابة لأمره والتسليم له ، وهذا الأمر هو منتهى العبودية .. فإن معرفته تعالى وعبادته وحده لا شريك له هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية .
الذي خلق هذا الكون العظيم وأبدعه وأحكم صنعه هو الذي حرم الزنا ، وحرم الربا ، وأوجب الحجاب ، وقضى بقتل القاتل وقطع يد السارق ورجم الزاني المحصن ، وغيرها من الأحكام .
فإذا أمرك الله بأمر أو نهاك عن آخر فاعلم ان ذلك لحكمة عظيمة (إن ربك حكيم عليم ) ، (وكان الله عليماً حكيماً) .
ثم إن هذه الحكمة قد تظهر للمكلف كما في بعض الأحكام المعللة ، وقد لا تظهر فيكون الأمر تعبدياً .. لماذا عدد الركعات كذا ، والتيمم على صفة كذا ، والطواف كذا ، ورمي الجمار ، وغيرها من الأحكام ، هذه الأحكام تعبدية وليس للعبد أمامها سوى الامتثال والرضا والتسليم .
3) أن الحكمة منه سبحانه يهبها لمن يشاء من الأنبياء والعلماء ، قال تعالى (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب) .
فإذا أراد العبد العلم والحكمة فليلجأ إلى ربه ويسأله أن يعلمه ويفهمه ويفتح له أبواب حكمته .
ولهذا قال يعقوب لولده يوسف (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم) .
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ، إنه هو العليم الحكيم .
2) مشهد العزة والغضب
في هذا المشهد نستعرض وإياكم بعض الآيات الكونية في باب العزة وتمام القدرة والقوة والغضب .. نشاهد عدة مشاهد للرياح ، والفيضانات ، والزلازل والبراكين . ولنبدأ بالرياح .
أنواع الرياح
الرياح جند من جند الله يسلطها على من يشاء .
هذا الهواء الخفيف الذي يجريه الله ويسخره من حولنا سرعان ما يتحول إلى قوة عظيمة تقتلع الأشجار ، وتهدم البيوت ، وتقتل الأنفس .
وقد ذكر الله تعالى في القرآن أنواعاً من الرياح منها :
الريح العاصف : الشديدة ، الحاصب : التي تثير الرمال والحصى ، الصرصر: وهي الباردة شديدة الهبوب ، القاصف : الريح التي تقصف وتدمر ما يعترضها ، الإعصار وقد يكون فيه نار محرقة (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت) .
كل هذه الأنواع من الرياح التي يرسلها الله تعالى متى شاء على من شاء من عباده فيها دلالة على عظمته وعزته .
ولهذا أرسل الله الريح على الأمم المكذبة .. فأرسل على عاد قوم هود الريح العقيم ، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم . ولما غرتهم قوتهم (وقالوا من أشد منا قوة) قال الجبار جل جلاله: (فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) .
المد البحري والموج العاتي
وقد تكون الرياح الشديدة في البحر ، وهو ما يعرف بالمد البحري الذي يهدد السفن بأمواجه العاتية (هو الذي يسركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) .
في بعض الحالات .. يشتد المد البحري ليتحول إلى اليابسة ، ويشكل خطراً كبيراً على حياة الناس .
الزلزال
من آياته سبحانه أنه جعل الأرض قراراً ومهاداً وأرساها بالجبال الراسيات ، لكنه سبحانه متى ما شاء رجها رجاً وزلزلها فترى الفزع والهلع بين الناس ، وما أشبه هذا بيوم القيامة إذا زلزلت الأرض زلزالها ، ورجت الأرض رجاً .
الزلزال البحري :
قد يحدث الزلزال في البحر ، فيحدث موجة شديدة من الطوفان المدمر ، كما وقع في زلزال تسونامي البحري .
في لحظة واحدة عشرات الآلاف من البشر ، ترتج بهم الأرض ، وتتقاذفهم التيارات ، وتعلوهم الأمواج التي بلغ ارتفاعها العشرات من الأمتار .
لا إله إلا الله .. ما أهون الخلق على الله إذا نزل بهم عذابه ، (وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) .
اللحظات الأولى للبركان
ولننتقل إلى البراكين .
هذه الأرض الهادئة الجميلة لم يمكن الإنسان يظن أن تحتها ناراً تتأجج ، متى ما ظهرت على السطح كان الدمار والهلاك ، فاللهم سلم سلم .
هكذا يثور البركان .. كتل من اللهب .. ونهر يجري من النار .. سرعان ما يحول الأرض إلى حريق هائل ، يلتهم الأخضر واليابس .
البركان يفاجيء العلماء
إذا أراد الله أن تخرج الأرض هذه الحمم البركانية أذن لها فانفجرت ، حتى إن علماء البراكين يتفاجؤون بهذا الانفجار المخيف .
نشاهد هنا بعض العلماء عند بعض البراكين النشطة .
مناطق الضعف في الكرة الأرضية
طبعاً البراكين في الأرض كثيرة ، لكن كثيراً منها خامد ، والنشط منها اليوم ما يقارب 500 بركان تتوزع في المناطق التي تسمى مناطق الضعف في الكرة الأرضية .
سيل البركان
هكذا يسيل البركان .. لا يمكن أن تقف دونه أي قوة .
إنه آية من آيات الله الدالة على تمام قدرته .
إنه تذكرة للدار الآخرة ، ولهذا لما ذكر الله النار التي تورون ، يعني نار الدنيا ، قال : (نحن جعلناها تذكرة) أي يرى الإنسان نار الدنيا فيتذكر نار الآخرة .
وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: ((ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم))، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله! قال: ((فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا كلها مثل حرها)).
البركان والفيضان
وفي بعض الأحيان يكون البركان مصحوباً بالفيضانات والانهيارات فيكون المشهد مخيفاً جداً.
البحر المسجور
اكتشف علماء البحار أن تحت قاع البحر بحراً يشتعل بالنيران تحت الماء ، وهو ما يعرف بالبحر المحترق ، وهذا البحر معرض للانفجار باستمرار .
ولك أن تتصور هذا المشهد الفظيع عندما تعلو النيران سطح الماء .
وقد أقسم الله تعالى بالبحر المسجور كما في سورة الطور ، في قوله تعالى (والبحر المسجور).
واختلف العلماء في معنى الآية؟ هل المراد بالآية ما سيكون في يوم القيامة من تسجير البحار كما قال تعالى (وإذا البحار سجرت) ، أم أن المراد بالآية البحر المسجور الآن؟
ذكر بعض العلماء المعاصرين أن المراد بالآية البحر الموجود الآن .
ويدل على هذا سياق الآيات : ( والطور وكتاب ..والبيت .. والسقف ) كل هذه الأشياء موجودة حاضرة .
أما الآيات الأخرى فإنها تدل على أن هذا البحر سيسجر يوم القيامة .
الأسماء والصفات :
من أسماء الله الحسنى : العزيز القهار الجبار المتكبر القدير القادر القوي المتين .
هذه الأسماء العظيمة متقاربة ، فهو تعالى كامل القوة ، شامل العزة ( إن العزة لله جميعاً) وقال تعالى ( إن ربك هو القوي العزيز ) فمعاني العزة كلها كاملة لله العظيم .
1. عزة القوة الدال عليها من أسمائه القوى المتين .
2. وعزة الامتناع فإنه هو الغني بذاته ، فلا يحتاج إلى أحد ولا يبلغ العباد ضره فيضرونه ، ولا نفعه فينفعونه ، بل هو الضار النافع المعطي المانع .
3. وعزة القهر والغلبة لكل الكائنات فهي كلها مقهورة لله ، خاضعة لعظمته ، منقادة لإرادته .
فمن قوته واقتداره أنه خلق السماوات والأرض .. وأنه خلق الخلق ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون .. ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبين والكفار من العقوبات .. ومن آثارها ما يوقعه من أنواع العذاب بالرياح والزلازل والبراكين وتغير نواميس الكون .
إذن الله تعالى هو العزيز الذي لا مغالب له ، الجبار الذي له الجبروت والعظمة ، المتكبر الذي لا ينبغي الكبرياء إلا له ، القهار الذي قصم بسلطان قهره كل مخلوق وقهره .
آثار هذه الأسماء والصفات :
1) تعظيم الله والخوف منه ، فإن رؤية آثار قوته وعزته وغضبه ، يوقظ القلوب الغافلة، ويثير مشاعر الخوف والخشية من الجبار القهار ، ذي البطش الشديد، الفعال لما يريد .
ولهذا كثيراً ما يحذر الله عباده غضبه وعقابه ، (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض .... ) .. (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون) .
2) أن الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى هو القوي العزيز الذي لا يغلب ولا يقهر ، يعطي المسلم شجاعة عظيمة وثقة كبيرة به .
فهو الناصر لرسله صلوات الله عليهم أجمعين ، المعز لحزبه الموحدين ، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز  ..  ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون ..  كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز  .
موسى عليه السلام حاول فرعون أن يمنع خروج هذا الصبي إلى الدنيا ، ولكن يأبى الله العزيز إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، فولد موسى عليه السلام ، بل أبى الله إلا أن يتربى موسى في قصر فرعون وفي بيته وتحت رعايته ، ولما حاول أن يقتله أهلكه الله هو وقائده هامان وجنوده أجمعين .
وهكذا يوسف ، فقد أراد إخوته قتله فصرفهم الله عنه بأن يلقوه في غيابه الجب .
ولما حاول اليهود قتل عيسى  رفعه الله إليه .
وهكذا محمد  فقد مكر به كفار قريش ليقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه ، وهم اليهود أن يلقوا عليه الحجر الكبير وهو بجوار الحائط ، ووضعوا له السم في طعامه ، فعصمه الله منهم .
3) أن الكبرياء والجبروت لله وحده وقد مدح الله بهذا الاسم نفسه ، وأما في حق الخلق فهو مذموم فما الفرق ؟
الله سبحانه قهر الجبابرة بجبروته وعلاهم بعظمته لا يجرى عليه حكم حاكم ، آمر غير مأمور ، قاهر غير مقهور  لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون  .
وأما الخلق فهم موصوفون بصفات النقص مقهورون مجبورون ، ومن تكون هذه صفته كيف يليق به التكبر والتجبر!! .
ولهذا توعد الله سبحانه المتكبرين بأشد العذاب يوم القيامة . قال تعالى  فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق  وقال  أليس في جهنم مثوى للمتكبرين 
كثيراً ما ينسى الإنسان نفسه وضعفه وحاجته ويبارز ربه العداء ، ويفسد في الأرض ويتكبر فيها بغير الحق .
وهذا كله يبينه حديث النبي  " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة قال : إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس " رواه مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود .
3) مشهد الرحمة والإحسان
في هذا المشهد نستعرض وإياكم بعض الآيات الكونية في باب الرمة والإحسان .. إنزال المطر ، وسائل النقل ، عالم النمل ، النحل ، العناكب ، أمومة الحيوانات ، إلهام الطيور .. ولنبدأ بنعمة المطر .
إنزال المطر :
أخبر الله تعالى أنه ينشيء السحاب الثقال ، ويرسل الرياح فتثير سحاباً وتسوقه إلى حيث شاء الله .. ثم يبسط الله السحاب ويجعله كسفاً ويجعله ركاماً ، يعني بعضه فوق بعض .. ثم ينزل المطر والبرد من هذا السحاب المتراكم .
وقد ذكر الباحثون أنواعاً من السحب منها: السحب الركامية ، قالوا: إن السحب الركامية تنمو بشكل تصاعدي حتى تكون كالجبل .
هذا الجبل من السحب ينزل المطر من المنطقة التي في وسطه ، فإذا ارتفعنا إلى الأعلى في قمة الجبل حيث تصل درجة الحرارة إلى 40 إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر فإن الفرصة مهيأة لنزول البرد من هذه المنطقة .
دعونا نتأمل في هذه الآية العظيمة (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله ، وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) .
عالم النمل :
بيوت النمل :
ذكر الله في قصة سليمان أن النملة قالت للنمل : ادخلوا مساكنكم . فكيف هي مساكن النمل؟
يبني النمل مساكنه في مستعمرات بهندسة دقيقة ، وتصل طوابق المستعمرة إلى 20 طابقاً .
مستعمرات النمل يسكنها من 50 ألف إلى 500 ألف نملة .. كل مستعمرة فيها الممرات ، والجسور ، والمخازن ، والمقابر .
وللنمل مزارع خاصة به، قد تصل مساحتها إلى خمسة عشرة متراً من الأرض، فتقوم جماعة من النمل بحرث الأرض ، وجماعة تزيل الأعشاب، وغيرها تقوم بحراسة المزرعة من الديدان .
جمع الحبوب وتكسيرها وحفظها :
خلق الله النملة، تذهب لرِزقِها في الصباح وتعود في المساء، تَعلَم بقدوم فصل الشتاء حيث الأمطار والبرد، فتدخِّر قوتها في الصيف في مخازن تحت الأرض، حتى إذا جاء فصل الشتاء، كان عندها ما تعيش عليه .
وإذا خافت النملة أن تنبت الحبةُ داخل البيت، قسمتها نصفين لئلا تنبت، فمن علّمها؟ ومن بصّرها؟ إنه الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى .
ولاحظ العلماء أن النمل يكسر بذرة الكزبرة إلى أربعة أقسام وليس قسمين كبقية البذور ، فلما بحثوا الأمر وجدوا أن بذرة الكزبرة تتميز بأنها يمكن أن تنبت إذا قسمت إلى نصفين ، فسبحان من هدى النمل لهذا الأمر .
أبقار النمل :
يقول "رويال ديكنسون " أحد علماء التاريخ الطبيعي، في كتابه شخصية الحشرات، لقد ظللت أدرس مدينة النمل حوالي عشرين عاماً في بقاع مختلفة من العالم فوجدت أن كل شيء يحدث في هذه المدينة بدقة بالغة، وتعاون عجيب، ونظام لا يمكن أن نراه في مدن البشر، علاوة على الهدوء والسكون .. لقد راقبته وهو يرعى أبقاره، وما هذه الأبقار إلا خنافس صغيرة، رباها النمل في جوف الأرض زمنا طويلاً حتى فقدت في الظلام بصرها .. ثم يقوم النمل بحرفة الرعي وتسخيرها كالأبقار .
النمل الحلاب يربي المن
ففي الربيع الباكر، يجمع النمل بيض حشرة المن أو البق، ثم يضعه في المستعمرة ، ويعتنى به حتى يفقس وتخرج صغار المن ، ومتى كبرت تدر سائلاً حلوا يقوم على حلبه جماعة من النمل، لا عمل لها إلا حلب هذه الحشرات بمسها بقرونها وتنتج هذه الحشرات 48 قطرة من العسل كل يوم .
عالم النحل :
النحل يجمع الرحيق من الزهور
تقوم النحلة بجمع الرحيق من الزهور . وهناك مصلحة متبادلة بين النحل وبين حقل الزهور .. فالنحلة أثناء جمع الرحيق تغرس رجلها في حبيبات طلع الذكور من النبات ثم تنتقل إلى الزهرة الأنثى فيحصل التلقيح وتثمر الزهرة ، وبالتالي يتكاثر الزرع ، ويستفيد النبات والنحل .
تتخصص كل مجموعة من النحل بنوع معين من الزهور فيتعرف على أبناء خليته برائحة هذه الزهرة ، فإذا أخطأت نحلة بالدخول إلى خلايا مجموعة من النحل فإن النحلات يقومون بطردها لاختلاف رائحتها عن الخلية .
الوحي الإلهي
أين يبني النحل بيوته؟
عندما أوحى الله إلى النحل أي ألهمه ، أمره أن يتخذ بيوته من ثلاثة أنواع من الأماكن .. (وأوحى ربك إلى النحل ... ثم كلي من كل الثمرات ... شراب)
خلايا النحل
يبني النحل خلاياه بأشكال هندسية عجيبة ، وفي داخل هذه الخلايا أسرار عجيـبة .. نظام وانضباط .. الكل يعمل حسب سنه ودوره .. المهندسات والبناءات يشيدن قرص النحل .. والعاملات يقمن برحلات للكشف عن أماكن الرحيق .. والكيميائيات يتأكدن من نضوج العسل وحفظه .. والخادمات يحافظن على نظافة الشوارع والأماكن العامة في الخلية . والحارسات على باب الخلية يراقبن من دخل إليها ومن خرج .. يطردن الدخلاء أو من أراد العبث بأمن الخلية . فمن علم هؤلاء كل هذا ؟ ومن أوحى لهن هذه الأدوار ؟
إنه رب العالمين الذي يقول :"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم"
يقول كريس موريسون - رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك - بعد أن استعرض وظائف الملكة والعاملات في خلية النحل " لا بد أن يكون هناك خالقا أرشدها إلى كل تلك الأعمال العظيمة التي تقوم بها بإتقان بديع " . فسبحان الله تعالى : " الذي أحسن كل شيء خلقه " .
وفيما يتعلق بالحرارة والبرودة : تحتاج يرقات نحل العسل لدرجة ثابتة من الحرارة والتهوية التامة، ولهذا فإن هناك طائفة من النحل، لا عمل لها في الخلية إلا إجهاد عضلاتها لتولد حرارة في أبدانها ، لتشع في أرجاء الخلية .
وإذا كان الجو حاراً قامت طائفة أخرى بجلب الماء وصبه على جدران الخلية ثم تصف على الأرض وتحرك أجنحتها بسرعة كالمروحة التي تولد الهواء لتكييف الخلية ، فسبحان من ألهمها .
النحل يعود إلى الخلية دون أن يضل الطريق
يخرج النحل من بيوته ويسير المسافات الطويلة قد تصل إلى الكيلومترات ، وبعد انتهاء المهمة يعود إلى خليته دون أن يضل الطريق ، فسبحان من خلق فسوى وقدر فهدى .
نظافة النحل وتعامله مع الغرباء
النحل لا يقضي حاجته داخل الخلية ولو تأذى بوجودها ، وإذا دخل جسم غريب إلى الخلية فإنه يقوم بتفتيته بفكوكه الصغيرة ، فإذا لم يتمكن من إخراجه أفرز عليه مادة صمغية حتى لا تنتشر رائحته في الخلية .
عالم العناكب :
أنثى العنكبوت تقوم ببناء البيت
يصل عدد أنواع العناكب في العالم إلى مئات الألوف ، منها ما هو ضخم يزيد قطره على نصف متر ، ومنها ما لا يكاد يرى بالعين المجردة ، منها السام ومنها غير السام ، منها الملون ومنها غير الملون .
وقد لاحظ العلماء أن القاعدة في جميع هذه الأنواع أن الأنثى هي التي تبني البيت ، أما الذكر فليس له هم إلا الأكل والتلقيح .
وقد ذكر بعض المعاصرين أنه قد يدل على هذا قوله تعالى: (مثل ... العنكبوت اتخذت ...)
دقة صنع بيت العنكبوت
تبني العنكبوت بيتها على شكل تتقاطع فيها الخيوط بشكل دقيق .
خيط العنكبوت لزج وقوي
ولو نظرنا إلى خيط العنكبوت لوجدنا أن هذا الخيط قوي ولزج فلا يتمكن الحشرات من التخلص منه ، وعلى الرغم من لزوجته فإن العنكبوت تمشي عليه برشاقة فسبحان الذي هداها .
خيانة أنثى العنكبوت لزوجها
من أعجب ما في عالم العنكبوت أن أنثى العنكبوت تستدرج الذكر لتلقيحها ، فإذا أكمل عمله قامت بتصفية الحساب ، وكأنها تقول له سمعت أن طعم ذكر العنكبوت لذيذ جداً ، ماذا تريدين؟ فتهجم عليه وتبدأ بتقطيع جسده وأكله ، فإذا خرج صغارها من البيض أكلت بعض أبنائها ، ثم يسير الأبناء على خطى أمهم فيأكل بعضها بعضاً ولا يبقى منها إلا القليل .
أمومة الحيوانات .
عاطفة الأمومة من أسمى العواطف على وجه الأرض ، حتى في الحيوان .
فالقطط والكلاب التي تحمل أولادها بأنيابها الحادة المخيفة، وتعدوا بها المسافات الشاسعة، دون أن تخدش جلدها ..
والكنغر (كما نشاهد)تحمل ولدها في كيس بطنها، وتقفز به من مناطق الخطر.
وحتى الطيور .. ألهمها ربها كيف تضع بيضها ، وكيف تدفنه (كما نشاهد) ، فإذا خرج صغارها ألهمها كيف تطعمهم وتسقيهم .
ومن الطريف أن الدكتور " أرثر ألن " تحرى الدقة في عدد رحلات أنثى عصفور العصو، وهي تغذي صغارها، فوجد أنها أطعمتها ما بين الفجر ومغرب الشمس 1217 مرة ، فسبحان من هداها .
الأسماء والصفات :
من أسمائه تعالى : الرحمن ، الرحيم ، الكريم ، الأكرم ، الرءوف ، البر ، الجواد ، الوهاب .
هذه الأسماء تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب ، بالرحمة ، والبر ، والجود ، والكرم ، فهو الذي شمل الكائنات بأسرها ببره وهباته وكرمه ، وهو سبحانه المتصف بالجود وهو كثرة الفضل والإحسان بحسب ما تقتضيه حكمته .
ومن كرمه سبحانه وغناه ، ما أخبر به هو عن نفسه في حديث أبي ذر عند مسلم : (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل واحد منكم مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) .
ومن كرمه سبحانه أنه يقابل الإساءة بالإحسان ، والذنب بالغفران ، ويقبل التوبة ، ويعفو عن التقصير .
آثار هذه الأسماء والصفات :
1) سعة رحمة الله تعالى :
قال تعالى إخباراً عن حملة العرش أنهم يقولون " ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً " ، وقال سبحانه " ورحمتي وسعت كل شيء " .
يخبر تعالى شأنه عن رحمته التي وسعت وشملت كل شيء في العالم العلوي والسفلي والبر والفاجر المسلم والكافر ، ولكن للمؤمنين الرحمة الخاصة بهم ولذلك قال في تمام الآية السابقة " فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون " فالكافر لا رحمة له في الآخرة .
الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأم بولدها : كما جاء في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال : قدم على رسول الله  بسبي ، فإذا امرأة من السبي تسعى ، إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته . فقال لنا رسول الله  " أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ " قلنا : لا والله وهي تقدر على أن تطرحة . فقال رسول الله  " الله أرحم بعباده من هذه بولدها ".
نعم .. الله رحيم بنا ، ولا يحب أن يعذبنا ، لكن ذنوبنا هي التي تحرمنا من بلوغ هذه الرحمة.
ولهذا ، لا يجوز للمسلم أن يسرف في الخطايا والمعاصي بحجة أن الله غفور رحيم ، فالمغفرة إنما تكون للتائبين الأوابين ، قال تعالى إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً وقال سبحانه إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوءٍ فإني غفورٌ رحيمٌ . فلا بد من الأخذ بالأسباب المؤدية إلى المغفرة والرحمة .
2) استشعار نعمة الله الواسعة علينا طريق إلى محبته سبحانه .
فالله سبحانه وتعالى سخر لنا هذا الكون ، بغير حول منا ولا قوة .
فالشمس تعطينا الدفء والضياء ، والمطر ينزل من السماء ، والهواء نتنفسه من حولنا دون عناء ، والأرض تعطينا الثمر بمجرد أن نلقي فيها الحب ونسقيه ، والليل والنهار يتعاقبان لنسكن في الليل ، ونسعى في النهار ، (إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) .. (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، إن الإنسان لظلوم كفار) .
هذا الشعور بفضل الله وإحسانه يفيد العبد محبة الله تعالى ، لأن النفوس مجبولة على محبة من أحسن إليها .
ولهذا كانت محبة الله هي روح الأعمال ، وجميع العبودية الظاهرة والباطنة ناشئة عن محبة الله.
3) إذا عرفنا كرم الله وجوده وإحسانه ، فإن هذا يدعونا إلى الرغبة في ما عند الكريم سبحانه وسؤاله الحاجات .
فالله تعالى هو المجيب لدعوة الداعي إذا دعاه في أي مكان كان ، وفي أي زمان ، فلا يشغله سمع عن سمع ، ولا تختلف عليه المطالب ، ولا تشتبه عليه الأصوات ، فيكشف الغم ويذهب الهم ويفرج الكرب ويستر العيب .
فيا حسرة من نسي ربه ، وأنزل حاجته بالمخلوق الضعيف ، فدعا غير الله ، أو تعلق بالقبور أو الأضرحة ، أو قصد السحرة والمشعوذين .. والله تعالى باسط يديه بالرحمة والإحسان ، وهو أحق بالدعاء والالتجاء .
4) الحث على اتصاف الإنسان بالرحمة :
فالله رحيم ، وهو سبحانه يحب الرحماء ، ولهذا مدح سبحانه وتعالى أشرف رسله بالرحمة ، فقال "وما أرسلنك إلا رحمة للعالمين " ، وقال: "فبما رحمة من الله لنت لهم " .
وبين  أن الرحمة لا تكون إلا للرحماء كما في حديث أسامة بن زيد المتفق عليه أن النبي  قال " إنما يرحم الله من عباده الرحماء" ، وفي رواية "لا يرحم الله من عباده إلا الرحماء".
وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله أن النبي  قال " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله".
فهنيئاً .. هنيئاً لأصحاب القلوب الرحيمة .. نسأل الله أن يجعلنا منهم ، وأن يجعل هذه الرحمة سبباً لرحمة الله بنا في الدنيا والآخرة .
الخاتمة
لعلي أختم هذه المحاضرة بهذه الأبيات الجميلة في التأمل في الكون ، وأعرض خلال الأبيات بعض المشاهد المعبرة . يقول الشاعر :
لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداك
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيراً لها أعياك
قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداك
قل للمريض نجا وعوفى بعدما عجزت فنون الطب من عافاك
قل للصحيح يموت لا من علة من بالمنايا يا صحيح دهاك
قل للجنين يعيش معزولا بلا ماء و مرعى ما الذى يرعاك
قل للوليد بكى و أجهش بالبكاء لدى الولادة ما الذى أبكاك
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فأساله من ذا بالسموم حشاك
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا وهذا السم يملأ فاك
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهدا وقل للشهد من حلاك
بل سائل اللبن المصفى كان بين دم وفرث ما الذى صفاك
و إذا رأيت الحى يخرج من حنايا ميت فأساله من أحياك
قل للنبات يجف بعد تعهد و رعاية من بالجفاف رماك
وإذا رأيت النبت فى الصحراء يربو وحده فاسأله من أرباك
و إذا رأيت البدر يسرى ناشرا أنواره فاسأله من أثراك
واسأل شعاع الشمس يدنو وهى أبعد كل شيء ما الذى أدناك
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فاسأله من يا نخل شق نواك
و إذا رأيت النار شب لهيبها فاسأل لهيب النار من أوراك
و إذا ترى الجبل الأشم مناطحا قمم السحاب فسله من أرساك
وإذا ترى صخرا تفجر بالمياه فسله من بالماء شق صفاك
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال جرى فسله من الذي أجراك
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسله من الذي أطغاك
و إذا رأيت الليل يغشى داجيا فاسأله من يا ليل حاك دجاك
و إذا رأيت الصبح أسفر ضاحيا فاسأله من يا صبح صاغ ضحاك
سيجيب ما في الكون من آياته عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناك
يا أيها الإنسان مهلا ما الذي بالله جل جلاله أغراك
أسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا بمعرفته ، وأن يزيدنا خوفاً منه ، ورجاءً فيما عنده ، وتوكلاً عليه ، وإنابة إليه ، وأن يرزقنا خشيته في السر والعلن .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sama2020.yoo7.com
 
الكون كله يسبح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتد يات سات الماجكو 2 :: المنتديات الأسلامية :: التوحيد و العقيدة و الدعوة إلى الله الأقسام الفرعية: القرأن الكريم و الأحاديث القدسية-
انتقل الى: